الأسماء السريانية عند الصوفية
يقول العلامة صاحب الفنون الألمعي محمود المراكبي في كتابه "عقائد الصوفية في ضوء الكتاب والسنة":
إذا سألت أي صوفي عن الأسماء السريانية المنتشرة في ورده الذي تلقاه عن شيخه ، قال لك هي لغة الملائكة ، وهو لا يعرف كغيره من الباطنية أن اللغة السريانية هي إحدى أهم اللهجات الآرامية التي تعد فرعا من اللغات السامية، وهي لغة الآراميين، الذين سموا أنفسهم بالسريان ، بعد اعتناقهم الدين المسيحي، وتنقسم السريانية تبعا لانقسام الكنيسة المسيحية، إلى سريانية شرقية، وهي: سريانية المسيحيين التابعين لتعاليم"نسطوريس"، ويسمون بالنسطوريين، والفرع الآخر وهو الخاص بالسريانية الغربية، وهي: السريانية التابعة لتعاليم "يعقوب البردعي" ويسمون باليعاقبة.
ولا نعرف كيف اعتقد الباطنيون أن لغة القرآن ليس فيها ما ينشدون من الأسرار حتى يبحثوا عنها في لغة النصارى، ومن ثم أضافوا إليها خصائص باطنية، ولم يكتفوا بإدخال المفردات العربية في قوالب لغوية آرامية التركيب في أورادهم البدعية، مثل:"ناسوت ، رحموت، رهبوت، لاهوت ، جبروت، روحاني ، نفساني ، جسماني ، شعشعاني ، وحدانية، فردانية". ا هـ
تاريخ التصوف الإسلامي لعبد الرحمن بدوي.
والأسماء السريانية في زعمهم أسماء لله عز وجل، وتشتمل في اعتقادهم على أسرار عجيبة وخصائص باطنية ، وهذه الأسماء لم يسم الله بها نفسه ، ولم ينزلها في كتابه ، وبالتالي لم ينقلها أحد عن الله عز وجل نقلاً صحيحا متواترا، وليس في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه ذكر الله عز وجل بأسماء غير عربية، فمن أين أتوا بها ؟ ومن الذي دلهم عليها ؟ ،
إن أفكار الصوفية الغريبة التي افتروها في دين الله عز وجل ليست من عند أنفسهم ، وإنما هي من تقليد الرافضة، والرافضة على آثار اليهود يقتدون ويتنافسون ، وعن آثار نبيهم يُعرِضون ، والرابطة بن هذه الفرق الثلاث لا يمكن تجاهلها، فالأمر واضح كالشمس في وضح النهار ، لا ينكرها إلا من كان فاقدا لنعمة البصر، وإن زعم أن له عينين، وصدق الله العظيم حيث يقول: ﴿لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها﴾ الأعراف-179.
الصوفية المعاصرة والسريانية:
1.الطريقة الجيلانية:
تتبارى معظم الطرق الصوفية في إظهار الفتوحات العالية التي نالها الشيخ من بركة اتّباعه للمسلك الصوف ي، إلا أن الغريب حقاً في الطريقة الجيلانية تلك الأسماء الجديدة التي أطلقوها على معبودهم، ومن بعض أسمائه : مهباش ، وطهفلوش، وايتنوخ، وملوخ، ومخمت، .... فقد جاء في ورد الجلالة المنسوب زورا وبهتاناً للشيخ عبد القادر الجيلاني "رحمه الله" ما نصه: " وأسألك الوصول بالسر الذي تدهش منه العقول، فهو من قربه ذاهل، ايتنوخ، يا ملوخ، باي، وامن أي وامن، مهباش الذي له ملك السموات والأرض " ، ثم يستطرد قائلاً: " طهفلوش انقطع الرجاء إلا منك، وسدت الطرق إلا إليك، وخابت الآمال إلا فيك " مجموع الأوراد الكبير ورد الجلالة للجيلاني صفحة: 10 .
إن القوم يعبدون مهباشاً، وطهفلوشاً، ولا علاقة لهم بالرسالة الخاتمة، ولا أعرف كيف يطمئن المريد إلا ورده الذي يقول فيه: "مهباش الذي له ملك السموات والأرض "، وماذا يفعل المريد إذا عاش حياته يظن أنه يظن أنه يعبد ربه عندما ينادي مهباش، ثم يكتشف عندما يغلق عليه باب القبر، وحيل بينه وبين الدنيا، ثم يتبين له أن مهباشاً هذا ليس إلا اسماً من أسماء الشياطين، أو مردة الجان، أينفعه شيخه يومئذ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
كما يقرأ المريد باقي الأوراد التي تُقْحِم الأسماء السريانية بين آيات القرآن الكريم، وبالتالي يقرأ المريد سورة الواقعة متضمنة هذه الأدعية بين آيات السورة، ومنها:" يا باسط يا غني بمهبوب ذي لطف خفي بصعصع بسهسهوب ذي العز الشامخ، الذي له العظمة والكبرياء، بطهطهوب لهوب ذي القدرة والبرهان، والعظمة والسلطان"، ثم يستطرد قائلاً: " بحق سورة الواقعة، وبحق فقج مخمت مفتاح جبار فرد معطي خير الرازقين" ذكر ودعاء جمع عبد الله أحمد زينة ص 53 .
2. الطريقة الدسوقية:يقول الدسوقي في ورده المسمى " الحزب الكبير " ما نصه: " اللهم آمني من كل خوف، وهم وغم، وكرب كدكد كردد كردد كردد كرده كرده كرده ده ده ده ده ده الله رب العزة " ذكر ودعاء جمع عبد الله زينة ص 117 .
3. الطريقة البرهانية:وشيخ الطريقة هو: محمد عثمان عبده البرهاني، صاحب كتاب "تبرئة الذمة في نصح الأمة" وقد أحدث هذا الكتاب ضجة عند ظهوره بين أبناء الطريقة في مصر والسودان، لما فيه من غلو وضلال، ونصوص واضحة لا تحتمل التأويل تزعم أن الله عز وجل هو محمد صلى الله عليه وسلم، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو الله عز وجل، وقد اكتفى الأزهر آنذاك ببيان ما في الكتاب من شطط، إلا أن الطريقة ما زالت موجودة إلى عهد قريب، وقد أخذ الأزهر الشريف موقفاً بحظر نشاط هذه الطريقة في مصر، ولله وحده الحمد والمنة، وما زالت توزع هذه الطريقة أورادها على المريدين في السودان وغيرها، ومنها الحزب الصغير، وفيه: " أحمى حميثاً أطمى طميثاً، (وكان الله قوياً عزيزاً) " وفي نفس الحزب يقول المريد: "بها بها بهيا بهيا بهيا بهيات بهيات بهيات القديم الأزلي، يخضع لي كل من يراني، لمقفنجل يا أرض خذيهم، (قل كونو حجارةً أو كونوا حديداً) ، (وقفوهم إنهم مسئولون) ، (كأنهم خُشُبٌُ مُسندة) ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، طهورٌٌُ بدعقٌُُ محببه صُورهٌُ محببه سقفاطيسٌُ سقاطيمٌُ أحونٌُ أدمَّ حمَّ هاءٌُ آمين " مجموع أوراد الطريقة البرهانية ص 18 – 21 ، وورد الاسم الثاني للطريقة الخلوتية العونية العيونية.
أرأيت يا أخي الكريم كيف يمزج الصوفية مفترياتهم مع آيات الكتاب العزيز، وكيف يدعون ويستغيثون بأسماء لمجاهيل، لا يعرفون كنهها، ويحشرونها وسط الذكر الحكيم، كما أن هذه العبارة الأخيرة يكاد لا يخلو منها ورد صوفي، ومن حب البرهانية فيها فقد نظموها شعراً في قصيدة توسل البرهانية، وهذه الطريقة البرهانية تعد من أكثر الطرق شططاً، وأبعدهم عن اعتقاد أهل السنة والجماعة، فأورادهم تفيض بوحدة الوجود.
4.الطريقة الشاذلية:
يحدد بعض الشاذلية مكانة الأسماء السريانية بقوله:"اعلم أن هذه الأسماء هي من أسماء الله تعالى، ليست بلسان من ألسنة عالم الملكوت، ولا بلغة من لغات العالمين، وإنما هي أسماء جبروتية، فمن ادعى القطبية الفردية،فليبين لنا عن هذه اللغة وعن أهلها."
الطريقة الشاذلية:
تعد الطريقة الشاذلية من أكثر الطرق انتشارا وتشعبا ، وكلما مات شيخ من شيوخ الطريقة كلما انقسم أبناؤه إلى طريقتين ، أو أكثر ، ونادرا ما تستمر طريقة مجتمعة عبر ثلاثة أجيال أو أربعة إلا وتنقسم إلى فروع وتتشرذم إلى جماعات أكثر وهذا سر كثرة أسماء الطرق ، حيث يتعرف المريدون على طريقتهم بمعرفة اسم شيخهم ، أو خليفته ، ونبدأ هنا بتتبع أشهر أفرع الشاذلية وما ورد في أورادها من الأسماء السريانية .
الطريقة الشاذلية ودلائل الخيرات:
وقد ورد في كتاب "دلائل الخيرات" من أوراد الشاذلية، للشيخ عبد الفتاح القاضي، ورد بعض صلوات الشيخ الفاسي نصه ما يلي:"يالله يوه واه هو يا هو يا من هو أنت، أنت هو يوه هو يا يوه هو يا جليل يا هو يا من لا هو إلا أنت هو"
كما في كتاب "كنوز الأسرار في الصلاة والسلام على النبي" ص 79-
كما يعتقد الشاذلية فيما يسمى الدائرة، والخاتم، والسيف، وكلها أسماء لمسمى واحد، ويعتقدون أن من وضع هذه الدائرة على رأسه لا يموت، ويروون الحكايات عن أقوام لم يموتوا إلا بعد أن خلعوا هذه الدائرة ، وتضم هذه الدائرة أشهر الألفاظ السريانية ، والمتفق عليها بين عدد كبير من الطرق الصوفية، وقد نقل شرح هذه الأسماء أحمد بن عياد في المفاخر العلية في المآثر الشاذلية ، يرويه عن أبي عبد الله اليافعي ، وشرح مجالات استخدام كل اسم منها ، فيقول:
• طَهُورٌُ: الاسم الأول الكامل في ذاته المنور لصفاته، [ويستخدم] للدخول على الملوك، كَبِّر الله سبعا ثم قل: طاء، ثم اقرأ: ﴿إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ [الشعراء-4]، ثم قل حكمت على أنفسهم الطاء ، واذكر الاسم سبعاً.
• بَدْعَقٌُ: الاسم الثاني، بمعنى الباقي الذي كل شيء به باق ، ذات الأقسام [أي القسم] للدخول على العلماء والقضاة ، هلل الله سبعا، ثم قل باء ، ثم اقرأ: ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ﴾ [58-سورة يس]، ثم قل: فلقت عقولهم بالقاف ، ثم اذكر الاسم سبعا.
• مَحْبَبَهٌُ: الاسم الثالث مبين الحكم ، وملقن المنن ، لاستجلاب الرزق ، سبح لله سبعا، ثم اقرأ: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾[1-سورة الحديد]، ثم قل: حاء، فتحت بها باب الاستمطار من الفتاح العليم، ثم اذكر الاسم سبعاً.
• صُوَرَهٌُ: الاسم الرابع، الذي لهيبته كل جبار خاضع ، لدفع المضار، تقول: يا سلام سبعا، ثم تقول: سلبت عن نفسي، وعن فلان من كان من عباد الله المؤمنين جميع المضار، ثم اذكر الاسم سبعا.
• الخامس، وهو اسم العزة: مَحْبَبَهُ، نظير ما تقدم، تقول هنا: الحمد لله سبعا، ثم تقول:عين ملأت قلبي عزة ونورا، ومن شئت من إخوانك المؤمنين، ثم تذكر الاسم سبعا.
• الاسم السادس، زهو المعروف بمفتاح الغيب: سَقْفَاطِيسٌُ: للفتح على القلب، تقول: يا سلام سبعا، ثم تقول: سين، أسألك باسناء الأعظم أن تعطيني مفتاح قلبي، وتذكر الاسم سبعا.
• الاسم السابع، وهو اسم الجلالة الموصل إلى مفتاح الكنوز، ولرتبة الكمال: سَقَاطِيمٌُ، وهو أن تقول يا الله بألف الوصل، وهاء الرفع، والمد سبعا، ثم تقول: ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ، وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ﴾[ 97-98 سورة المؤمنون].رب أسألك حولا من حولك، وقوة من قوتك، وتأييدا من تأييدك حتى لا أرى غيرك، ولا أشهد سواك، ثم اذكر الاسم سبعا. ثم قال [اليافعي]: أدغمت الكلام أوله صيانة له من غير أهله.
ويستطرد اليافعي في بيان أسراره، فيقول:"أََحُونٌُُ أَدُمَّ حَمَّ هَاءٌُ آمين". هي الاسم الأعظم، بل ويعلم الأتباع من الصوفية كيف يذكرون بها، وينسب ذلك إلى شيخه الذي يقول: واتل الاسم الاعظم" أََحُونٌُُ أَدُمَّ حَمَّ هَاءٌُ آمين" سبعين مرة، وسَل ما تريد، وصفة السؤال أن تقول عقب تلاوتك في الوقت المخصوص: أسألك اللهم يا من هو:" أََحُونٌُُ أَدُمَّ حَمَّ هَاءٌُ آمين" افعل لي كذا وكذا .
5.الطريقة الفاسية:
يمزج الفاسيُّ الآيات القرآنية بعقيدة وحدة الوجود بالألفاظ السريانية، فيقول:"اللهم صلِّ على كلمتك العليا من حيث الاختراع، والابتداع، وعروتك الوثقى من حيث تتابع الأتباع، وحبلك المعتصم عند الضيق، والاتساع، وصراطك المستقيم للهداية، والاتباع، ﴿الم﴾ ، ﴿حم﴾ ، أَدُمّ، حَمَّ ، ﴿ق﴾ ، ﴿طسم﴾ ، ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ [29-سورة الفتح] ، أََحُونٌُُ ودود، ﴿طه﴾ ، ﴿يس﴾ ، ﴿ق﴾ ، ﴿ن والقلم وما يسطرون﴾ ،اللهم صلِّ على المتخلق بصفاتك ، المستغرق في مشاهدة ذاتك ، الحق المتخلق بالحق، حقيقة الحق، ﴿أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ﴾ [53 سورة يونس].ا هـ كنوز الأسرار في الصلاة السلام على النبي المختار صفحة: 79.
6.الطريقة النقشبندية:ورد في أوراد الطريقة النقشبندية:"وقلدنا بصمام نصرك".
7.الطريقة الخلوتية العونية العيونية:يتلقى المريد في بداية سلوكه عشر آيات قرآنية مع دعاء يسمونه دعاء سر القاف، ويتكرر حرف القاف عشر مرات في كل آية من هذه الآيات العشر، حسب قواعد علم الجفر أحد علوم بني إسرائيل، بموجب قاعدة أبجد هوز..وقد قرأت فيما أتذكر في أحد الكتب الصفراء ، أن من يداوم على قراءة هذه الآيات يصبح من أهل التصريف، ومع تدرج المريد في مراتب الطريق السبعة تظهر الألفاظ السريانية تباعا ، فإذا وصل المريد إلى الاسم السادس و السابع تلقى جرعة كبيرة من هذه الأسماء، وتبلغ الألفاظ السريانية في ورد الاسم السابع ثمانين اسما، منها ما هو مكتوب نثرا، ويسمى البرهتية، ومنها ما نظمه المشايخ في قصيدة الجلجولتية.
والبرهتية يقرأ فيها المريد واحد وأربعين اسما، كل منهم مكتوب مرتين بهذه الصورة:"برهتيه برهتيه، كرير كرير، تتليه تتليه، وهكذا..."
ورد الاسم السابع من أوراد الخلوتية العونية العيونية، وهو غير مطبوع، وينقله المريد عن شيخه، ويشرح البوني في كتابه"منبع أصول الحكمة" أسرار البرهتية بقوله: "فاعلم أن أسماء البرهتية ، هي القسم المعّول عليه من قديم الزمان ، وكان القدماء يسمونه بالعهد القديم، والميثاق العظيم، والسر المصون، والكنز المخزون، والعهد القديم ، والكبريت الأحمر ، وقد تكلم به الحكماء الأُول ، ثم السيد سليمان بن داود عليه السلام ، ثم آصف بن برخيا ، ثم الحكيم قلفطيروس، ثم تتلمذ له إلى يومنا هذا ، وهو قسم عظيم لا يتخلف عنه ملك ، ولا يعصيه جني ، ولا عفريت ، ولا مارد ، ولا شيطان ، وكل طالب لم تكن عنده ، أو لم يكن له علم بها ، فعلمه أجذم.
وبالجملة فهذه الأسماء قسم جليل عظيم الشأن ،كثير البركة ، والبرهان يغني عن جميع ما عداه من العزائم والأقسام ، ويتصرف في جميع الأعمال من استنزال أملاك ، واستحضار أعوان،وجلب ودفع،وصرع وقهر،وإخفاء وإظهار". ثم يشرح فوائد كل اسم من البرهتية،وما تستخدم فيه، فيقول:كرير" إن من خزاصه أن من واظب على قرائته كل ليلة مائة مرة، فإنه يجتمع بالجن عيانا، وربما يصيرون له خداما ، ومن واظب على ذكر برهتيه كرير تتليه....خضعت له الأرواح العلوية والسفلية". ا هـ منبع أصول الحكمة للبوني ص 67-68.
وشرح البوني مجموعة من الطلاسم ، والعزائم المبينة على الجفر ، ثم يذكر الرياضات المناسبة لكل عزيمة ، حتى يجعلك تستحضر الجن والملائكة المقربين بزعمه، ثم يشرح لك علامة كل ملك ، وتميزه عن غيره فيقول: "أما السيد جبرائيل ، فينزل في قبة من نور ، وعلى رأس القبة لواء أصفر ، ولا يخرج من القبة إلا إذا وجه الطالب خطابه إليه ، وله عشرة أعوان ينزلون معه، ووقته يوم الاثنين،وخادمه الأبيض" ا هـ
منبع أصول الحكمة للبوني ص 93 .
أما الجلجوتية، فيشرحها البوني أيضا في كتابه"شمس المعارف الكبرى" (وهو كتاب لتعليم السحر)، ولا يخرج الكلام فيها عما سبق بيانه عن البرهتية. وهكذا يتلقى المريد علوم السحر على أنها فتوحات ، وأسرار وإلهامات ربانية ، وبرغم اعتراف البوني أن هذه الأسرار ينسبها تارة إلى علوم الحكماء والفلاسفة، وينسبها تارة أخرى إلى علوم سليمان عليه الصلاة والسلام ، إلا أن المشايخ، والمريدين يرونها أرقى الفتوحات في الإسلا
يقول العلامة صاحب الفنون الألمعي محمود المراكبي في كتابه "عقائد الصوفية في ضوء الكتاب والسنة":
إذا سألت أي صوفي عن الأسماء السريانية المنتشرة في ورده الذي تلقاه عن شيخه ، قال لك هي لغة الملائكة ، وهو لا يعرف كغيره من الباطنية أن اللغة السريانية هي إحدى أهم اللهجات الآرامية التي تعد فرعا من اللغات السامية، وهي لغة الآراميين، الذين سموا أنفسهم بالسريان ، بعد اعتناقهم الدين المسيحي، وتنقسم السريانية تبعا لانقسام الكنيسة المسيحية، إلى سريانية شرقية، وهي: سريانية المسيحيين التابعين لتعاليم"نسطوريس"، ويسمون بالنسطوريين، والفرع الآخر وهو الخاص بالسريانية الغربية، وهي: السريانية التابعة لتعاليم "يعقوب البردعي" ويسمون باليعاقبة.
ولا نعرف كيف اعتقد الباطنيون أن لغة القرآن ليس فيها ما ينشدون من الأسرار حتى يبحثوا عنها في لغة النصارى، ومن ثم أضافوا إليها خصائص باطنية، ولم يكتفوا بإدخال المفردات العربية في قوالب لغوية آرامية التركيب في أورادهم البدعية، مثل:"ناسوت ، رحموت، رهبوت، لاهوت ، جبروت، روحاني ، نفساني ، جسماني ، شعشعاني ، وحدانية، فردانية". ا هـ
تاريخ التصوف الإسلامي لعبد الرحمن بدوي.
والأسماء السريانية في زعمهم أسماء لله عز وجل، وتشتمل في اعتقادهم على أسرار عجيبة وخصائص باطنية ، وهذه الأسماء لم يسم الله بها نفسه ، ولم ينزلها في كتابه ، وبالتالي لم ينقلها أحد عن الله عز وجل نقلاً صحيحا متواترا، وليس في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه ذكر الله عز وجل بأسماء غير عربية، فمن أين أتوا بها ؟ ومن الذي دلهم عليها ؟ ،
إن أفكار الصوفية الغريبة التي افتروها في دين الله عز وجل ليست من عند أنفسهم ، وإنما هي من تقليد الرافضة، والرافضة على آثار اليهود يقتدون ويتنافسون ، وعن آثار نبيهم يُعرِضون ، والرابطة بن هذه الفرق الثلاث لا يمكن تجاهلها، فالأمر واضح كالشمس في وضح النهار ، لا ينكرها إلا من كان فاقدا لنعمة البصر، وإن زعم أن له عينين، وصدق الله العظيم حيث يقول: ﴿لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها﴾ الأعراف-179.
الصوفية المعاصرة والسريانية:
1.الطريقة الجيلانية:
تتبارى معظم الطرق الصوفية في إظهار الفتوحات العالية التي نالها الشيخ من بركة اتّباعه للمسلك الصوف ي، إلا أن الغريب حقاً في الطريقة الجيلانية تلك الأسماء الجديدة التي أطلقوها على معبودهم، ومن بعض أسمائه : مهباش ، وطهفلوش، وايتنوخ، وملوخ، ومخمت، .... فقد جاء في ورد الجلالة المنسوب زورا وبهتاناً للشيخ عبد القادر الجيلاني "رحمه الله" ما نصه: " وأسألك الوصول بالسر الذي تدهش منه العقول، فهو من قربه ذاهل، ايتنوخ، يا ملوخ، باي، وامن أي وامن، مهباش الذي له ملك السموات والأرض " ، ثم يستطرد قائلاً: " طهفلوش انقطع الرجاء إلا منك، وسدت الطرق إلا إليك، وخابت الآمال إلا فيك " مجموع الأوراد الكبير ورد الجلالة للجيلاني صفحة: 10 .
إن القوم يعبدون مهباشاً، وطهفلوشاً، ولا علاقة لهم بالرسالة الخاتمة، ولا أعرف كيف يطمئن المريد إلا ورده الذي يقول فيه: "مهباش الذي له ملك السموات والأرض "، وماذا يفعل المريد إذا عاش حياته يظن أنه يظن أنه يعبد ربه عندما ينادي مهباش، ثم يكتشف عندما يغلق عليه باب القبر، وحيل بينه وبين الدنيا، ثم يتبين له أن مهباشاً هذا ليس إلا اسماً من أسماء الشياطين، أو مردة الجان، أينفعه شيخه يومئذ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
كما يقرأ المريد باقي الأوراد التي تُقْحِم الأسماء السريانية بين آيات القرآن الكريم، وبالتالي يقرأ المريد سورة الواقعة متضمنة هذه الأدعية بين آيات السورة، ومنها:" يا باسط يا غني بمهبوب ذي لطف خفي بصعصع بسهسهوب ذي العز الشامخ، الذي له العظمة والكبرياء، بطهطهوب لهوب ذي القدرة والبرهان، والعظمة والسلطان"، ثم يستطرد قائلاً: " بحق سورة الواقعة، وبحق فقج مخمت مفتاح جبار فرد معطي خير الرازقين" ذكر ودعاء جمع عبد الله أحمد زينة ص 53 .
2. الطريقة الدسوقية:يقول الدسوقي في ورده المسمى " الحزب الكبير " ما نصه: " اللهم آمني من كل خوف، وهم وغم، وكرب كدكد كردد كردد كردد كرده كرده كرده ده ده ده ده ده الله رب العزة " ذكر ودعاء جمع عبد الله زينة ص 117 .
3. الطريقة البرهانية:وشيخ الطريقة هو: محمد عثمان عبده البرهاني، صاحب كتاب "تبرئة الذمة في نصح الأمة" وقد أحدث هذا الكتاب ضجة عند ظهوره بين أبناء الطريقة في مصر والسودان، لما فيه من غلو وضلال، ونصوص واضحة لا تحتمل التأويل تزعم أن الله عز وجل هو محمد صلى الله عليه وسلم، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو الله عز وجل، وقد اكتفى الأزهر آنذاك ببيان ما في الكتاب من شطط، إلا أن الطريقة ما زالت موجودة إلى عهد قريب، وقد أخذ الأزهر الشريف موقفاً بحظر نشاط هذه الطريقة في مصر، ولله وحده الحمد والمنة، وما زالت توزع هذه الطريقة أورادها على المريدين في السودان وغيرها، ومنها الحزب الصغير، وفيه: " أحمى حميثاً أطمى طميثاً، (وكان الله قوياً عزيزاً) " وفي نفس الحزب يقول المريد: "بها بها بهيا بهيا بهيا بهيات بهيات بهيات القديم الأزلي، يخضع لي كل من يراني، لمقفنجل يا أرض خذيهم، (قل كونو حجارةً أو كونوا حديداً) ، (وقفوهم إنهم مسئولون) ، (كأنهم خُشُبٌُ مُسندة) ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، طهورٌٌُ بدعقٌُُ محببه صُورهٌُ محببه سقفاطيسٌُ سقاطيمٌُ أحونٌُ أدمَّ حمَّ هاءٌُ آمين " مجموع أوراد الطريقة البرهانية ص 18 – 21 ، وورد الاسم الثاني للطريقة الخلوتية العونية العيونية.
أرأيت يا أخي الكريم كيف يمزج الصوفية مفترياتهم مع آيات الكتاب العزيز، وكيف يدعون ويستغيثون بأسماء لمجاهيل، لا يعرفون كنهها، ويحشرونها وسط الذكر الحكيم، كما أن هذه العبارة الأخيرة يكاد لا يخلو منها ورد صوفي، ومن حب البرهانية فيها فقد نظموها شعراً في قصيدة توسل البرهانية، وهذه الطريقة البرهانية تعد من أكثر الطرق شططاً، وأبعدهم عن اعتقاد أهل السنة والجماعة، فأورادهم تفيض بوحدة الوجود.
4.الطريقة الشاذلية:
يحدد بعض الشاذلية مكانة الأسماء السريانية بقوله:"اعلم أن هذه الأسماء هي من أسماء الله تعالى، ليست بلسان من ألسنة عالم الملكوت، ولا بلغة من لغات العالمين، وإنما هي أسماء جبروتية، فمن ادعى القطبية الفردية،فليبين لنا عن هذه اللغة وعن أهلها."
الطريقة الشاذلية:
تعد الطريقة الشاذلية من أكثر الطرق انتشارا وتشعبا ، وكلما مات شيخ من شيوخ الطريقة كلما انقسم أبناؤه إلى طريقتين ، أو أكثر ، ونادرا ما تستمر طريقة مجتمعة عبر ثلاثة أجيال أو أربعة إلا وتنقسم إلى فروع وتتشرذم إلى جماعات أكثر وهذا سر كثرة أسماء الطرق ، حيث يتعرف المريدون على طريقتهم بمعرفة اسم شيخهم ، أو خليفته ، ونبدأ هنا بتتبع أشهر أفرع الشاذلية وما ورد في أورادها من الأسماء السريانية .
الطريقة الشاذلية ودلائل الخيرات:
وقد ورد في كتاب "دلائل الخيرات" من أوراد الشاذلية، للشيخ عبد الفتاح القاضي، ورد بعض صلوات الشيخ الفاسي نصه ما يلي:"يالله يوه واه هو يا هو يا من هو أنت، أنت هو يوه هو يا يوه هو يا جليل يا هو يا من لا هو إلا أنت هو"
كما في كتاب "كنوز الأسرار في الصلاة والسلام على النبي" ص 79-
كما يعتقد الشاذلية فيما يسمى الدائرة، والخاتم، والسيف، وكلها أسماء لمسمى واحد، ويعتقدون أن من وضع هذه الدائرة على رأسه لا يموت، ويروون الحكايات عن أقوام لم يموتوا إلا بعد أن خلعوا هذه الدائرة ، وتضم هذه الدائرة أشهر الألفاظ السريانية ، والمتفق عليها بين عدد كبير من الطرق الصوفية، وقد نقل شرح هذه الأسماء أحمد بن عياد في المفاخر العلية في المآثر الشاذلية ، يرويه عن أبي عبد الله اليافعي ، وشرح مجالات استخدام كل اسم منها ، فيقول:
• طَهُورٌُ: الاسم الأول الكامل في ذاته المنور لصفاته، [ويستخدم] للدخول على الملوك، كَبِّر الله سبعا ثم قل: طاء، ثم اقرأ: ﴿إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ [الشعراء-4]، ثم قل حكمت على أنفسهم الطاء ، واذكر الاسم سبعاً.
• بَدْعَقٌُ: الاسم الثاني، بمعنى الباقي الذي كل شيء به باق ، ذات الأقسام [أي القسم] للدخول على العلماء والقضاة ، هلل الله سبعا، ثم قل باء ، ثم اقرأ: ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ﴾ [58-سورة يس]، ثم قل: فلقت عقولهم بالقاف ، ثم اذكر الاسم سبعا.
• مَحْبَبَهٌُ: الاسم الثالث مبين الحكم ، وملقن المنن ، لاستجلاب الرزق ، سبح لله سبعا، ثم اقرأ: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾[1-سورة الحديد]، ثم قل: حاء، فتحت بها باب الاستمطار من الفتاح العليم، ثم اذكر الاسم سبعاً.
• صُوَرَهٌُ: الاسم الرابع، الذي لهيبته كل جبار خاضع ، لدفع المضار، تقول: يا سلام سبعا، ثم تقول: سلبت عن نفسي، وعن فلان من كان من عباد الله المؤمنين جميع المضار، ثم اذكر الاسم سبعا.
• الخامس، وهو اسم العزة: مَحْبَبَهُ، نظير ما تقدم، تقول هنا: الحمد لله سبعا، ثم تقول:عين ملأت قلبي عزة ونورا، ومن شئت من إخوانك المؤمنين، ثم تذكر الاسم سبعا.
• الاسم السادس، زهو المعروف بمفتاح الغيب: سَقْفَاطِيسٌُ: للفتح على القلب، تقول: يا سلام سبعا، ثم تقول: سين، أسألك باسناء الأعظم أن تعطيني مفتاح قلبي، وتذكر الاسم سبعا.
• الاسم السابع، وهو اسم الجلالة الموصل إلى مفتاح الكنوز، ولرتبة الكمال: سَقَاطِيمٌُ، وهو أن تقول يا الله بألف الوصل، وهاء الرفع، والمد سبعا، ثم تقول: ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ، وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ﴾[ 97-98 سورة المؤمنون].رب أسألك حولا من حولك، وقوة من قوتك، وتأييدا من تأييدك حتى لا أرى غيرك، ولا أشهد سواك، ثم اذكر الاسم سبعا. ثم قال [اليافعي]: أدغمت الكلام أوله صيانة له من غير أهله.
ويستطرد اليافعي في بيان أسراره، فيقول:"أََحُونٌُُ أَدُمَّ حَمَّ هَاءٌُ آمين". هي الاسم الأعظم، بل ويعلم الأتباع من الصوفية كيف يذكرون بها، وينسب ذلك إلى شيخه الذي يقول: واتل الاسم الاعظم" أََحُونٌُُ أَدُمَّ حَمَّ هَاءٌُ آمين" سبعين مرة، وسَل ما تريد، وصفة السؤال أن تقول عقب تلاوتك في الوقت المخصوص: أسألك اللهم يا من هو:" أََحُونٌُُ أَدُمَّ حَمَّ هَاءٌُ آمين" افعل لي كذا وكذا .
5.الطريقة الفاسية:
يمزج الفاسيُّ الآيات القرآنية بعقيدة وحدة الوجود بالألفاظ السريانية، فيقول:"اللهم صلِّ على كلمتك العليا من حيث الاختراع، والابتداع، وعروتك الوثقى من حيث تتابع الأتباع، وحبلك المعتصم عند الضيق، والاتساع، وصراطك المستقيم للهداية، والاتباع، ﴿الم﴾ ، ﴿حم﴾ ، أَدُمّ، حَمَّ ، ﴿ق﴾ ، ﴿طسم﴾ ، ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ [29-سورة الفتح] ، أََحُونٌُُ ودود، ﴿طه﴾ ، ﴿يس﴾ ، ﴿ق﴾ ، ﴿ن والقلم وما يسطرون﴾ ،اللهم صلِّ على المتخلق بصفاتك ، المستغرق في مشاهدة ذاتك ، الحق المتخلق بالحق، حقيقة الحق، ﴿أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ﴾ [53 سورة يونس].ا هـ كنوز الأسرار في الصلاة السلام على النبي المختار صفحة: 79.
6.الطريقة النقشبندية:ورد في أوراد الطريقة النقشبندية:"وقلدنا بصمام نصرك".
7.الطريقة الخلوتية العونية العيونية:يتلقى المريد في بداية سلوكه عشر آيات قرآنية مع دعاء يسمونه دعاء سر القاف، ويتكرر حرف القاف عشر مرات في كل آية من هذه الآيات العشر، حسب قواعد علم الجفر أحد علوم بني إسرائيل، بموجب قاعدة أبجد هوز..وقد قرأت فيما أتذكر في أحد الكتب الصفراء ، أن من يداوم على قراءة هذه الآيات يصبح من أهل التصريف، ومع تدرج المريد في مراتب الطريق السبعة تظهر الألفاظ السريانية تباعا ، فإذا وصل المريد إلى الاسم السادس و السابع تلقى جرعة كبيرة من هذه الأسماء، وتبلغ الألفاظ السريانية في ورد الاسم السابع ثمانين اسما، منها ما هو مكتوب نثرا، ويسمى البرهتية، ومنها ما نظمه المشايخ في قصيدة الجلجولتية.
والبرهتية يقرأ فيها المريد واحد وأربعين اسما، كل منهم مكتوب مرتين بهذه الصورة:"برهتيه برهتيه، كرير كرير، تتليه تتليه، وهكذا..."
ورد الاسم السابع من أوراد الخلوتية العونية العيونية، وهو غير مطبوع، وينقله المريد عن شيخه، ويشرح البوني في كتابه"منبع أصول الحكمة" أسرار البرهتية بقوله: "فاعلم أن أسماء البرهتية ، هي القسم المعّول عليه من قديم الزمان ، وكان القدماء يسمونه بالعهد القديم، والميثاق العظيم، والسر المصون، والكنز المخزون، والعهد القديم ، والكبريت الأحمر ، وقد تكلم به الحكماء الأُول ، ثم السيد سليمان بن داود عليه السلام ، ثم آصف بن برخيا ، ثم الحكيم قلفطيروس، ثم تتلمذ له إلى يومنا هذا ، وهو قسم عظيم لا يتخلف عنه ملك ، ولا يعصيه جني ، ولا عفريت ، ولا مارد ، ولا شيطان ، وكل طالب لم تكن عنده ، أو لم يكن له علم بها ، فعلمه أجذم.
وبالجملة فهذه الأسماء قسم جليل عظيم الشأن ،كثير البركة ، والبرهان يغني عن جميع ما عداه من العزائم والأقسام ، ويتصرف في جميع الأعمال من استنزال أملاك ، واستحضار أعوان،وجلب ودفع،وصرع وقهر،وإخفاء وإظهار". ثم يشرح فوائد كل اسم من البرهتية،وما تستخدم فيه، فيقول:كرير" إن من خزاصه أن من واظب على قرائته كل ليلة مائة مرة، فإنه يجتمع بالجن عيانا، وربما يصيرون له خداما ، ومن واظب على ذكر برهتيه كرير تتليه....خضعت له الأرواح العلوية والسفلية". ا هـ منبع أصول الحكمة للبوني ص 67-68.
وشرح البوني مجموعة من الطلاسم ، والعزائم المبينة على الجفر ، ثم يذكر الرياضات المناسبة لكل عزيمة ، حتى يجعلك تستحضر الجن والملائكة المقربين بزعمه، ثم يشرح لك علامة كل ملك ، وتميزه عن غيره فيقول: "أما السيد جبرائيل ، فينزل في قبة من نور ، وعلى رأس القبة لواء أصفر ، ولا يخرج من القبة إلا إذا وجه الطالب خطابه إليه ، وله عشرة أعوان ينزلون معه، ووقته يوم الاثنين،وخادمه الأبيض" ا هـ
منبع أصول الحكمة للبوني ص 93 .
أما الجلجوتية، فيشرحها البوني أيضا في كتابه"شمس المعارف الكبرى" (وهو كتاب لتعليم السحر)، ولا يخرج الكلام فيها عما سبق بيانه عن البرهتية. وهكذا يتلقى المريد علوم السحر على أنها فتوحات ، وأسرار وإلهامات ربانية ، وبرغم اعتراف البوني أن هذه الأسرار ينسبها تارة إلى علوم الحكماء والفلاسفة، وينسبها تارة أخرى إلى علوم سليمان عليه الصلاة والسلام ، إلا أن المشايخ، والمريدين يرونها أرقى الفتوحات في الإسلا